samedi 12 février 2011

تصحيح المسار... واجب

    
تصحيح المسار... واجب
جميل ما وقع في تونس.. ابتكر الشعب منهجه وحدّد أهدافه وفق تقدّم مراحل الثورة.. نظر البعض داخل تونس وخارجها إلى الأخبار المتتالية في بداية التحركات بدون تركيز.. لماذا الاهتمام وهي كغيرها الوأد مصيرها.. وأصرّ أبناء تونس في سيدي بوزيد والقصرين وتالة وغيرها من المدن التونسية.. ارتفعت أصواتهم وارتفعت معها درجة الانتباه والانشغال وكان الكرّ والفرّ واستطاع أرباب الإرادة وعمالقة الفعل افتكاك الشّارع.. شهداء وجرحى غذّوا الحركة.. قهر وظلم وقمع وابتزاز وزوّار الليل يقبضون على عشّاق الحريّة وراسمي الأمل.. وتزداد الحركة توهجا وإشعاعا مع كلّ ضربة عصا وصوت رصاصة ودخان قنبلة.. وكان تهريب الصور وأشرطة الفيديو إلى المواقع الاجتماعية وكانت وشوشات مكتوبة ما فتئت أن علت صرخات في وجه الظلم.. وكان التفاعل.. وابتدأ التصديق بأنّ ما لا يكون أنّه يكون.. وتآمر العدوّ مع العدوّ والصامت مع الشّامت وصيّاد الفرص مع مثقفي السلطة ولكنّ الشعب ما عاد له ما يخسره.. ليست حركة يأس.. وإنّما فتح الشعب وصيّة شاب من شبابه قضى في الخامسة والعشرين من عمره ولكنّه آمن أنّه إذا أراد الشعب الحياة فلابدّ أن يستجيب القدر فردّد الشباب مع الشابي شاعرهم نشيده وآمن الشعب بقدرته على صعود الجبال وأن لا شيء يخسره سوى قيوده فواصل.. واصل ضدّ طاغية مدعوم بأسلحة حقيقية وأسلحة إعلاميّة ومليوني بنفسجي وكان ما يجب أن يكون.. وبهت من كفر بالكرامة ومن أراد أن يرسل قوات قمعه وأسلحة جديدة.. وقف العالم وحبس أنفاسه.. علماء ومفكرون وملايين الدولارات صرفت حتى لا يكون ما كان وما كان اسمه ثورة والثورة تونسية.. وانتبه العالم للمولود الجديد من أين نجم هذا المارد الجبّار؟ هل هو تاريخ للبشرية جديد؟ هل يمكن تونسة العرب؟ وانتصب شيوخ الدراسات الاستراتيجية يحلّلون ومديرو المخابرات يبحثون.. ماذا حصل؟ ما حصل هو ببساطة فيها عمق الوجود: شعب قرّر الحريّة والكرامة خاصّة.
انزعج الطغاة فطفقوا يجرون الإصلاح تلو الآخر ترفيع في جرايات وتخفيضات في الأسعار والضرائب ووعد بترك كرسيّ الحكم ولكنّهم لم يفهموا ولن يفهموا لأنّهم ما فكّروا يوما أنّ هذا الشعب يريد الحريّة والكرامة.. ما يفهمون هو أنّ الشعب يريد الطعام كالشاة إذا ثغت.
انتشر الوعي في العديد من الدول وهم ينسخون وصفة سحرية كتب عليها "صنع في تونس"
جميل كلّ هذا ولم أشأ أن يكون نصي في مدح الثورة والثوّار لأنّا المثال وهل بعد المثال قول؟ ولكنّ قدر الأوّل والقدوة والمثال أن يتحمّل المسؤولية كاملة فهل نحن بصدد تحمّلها؟
ابتدأنا نصدّر الثورة ولكن هل صدّرنا معها كتيّبا فيه طريقة الاستعمال بعد الحصول عليها؟ ماذا نحن فاعلون اليوم؟ نسينا..؟ تناسينا؟  نسينا لماذا استشهد أبناء وطننا؟ لماذا جرح من جرح؟ وعُذّب من عُذّب؟ وسجن من سجن؟ واحترق من احترق؟ وهاجر من هاجر؟  فصار العديد كاللئام على مائدة الكرام. التفاف على الدماء والصراخ والدموع.. على ليالي الألم المعلن والمكبوت.. على أيّام المعاناة والاغتيال والمطاردة.. وتقدّم الصامتون السابقون والمتآمرون الماكرون والمعارضون المأجورون ومثقفو العار.. تقدّموا ليدّعوا شرفا ليس لهم.. ونشدان رتبة لا يستحقونها وحاول الشرفاء إنقاذ ما يجب ولكنّ عقليّة الأنانية والمطلبية والابتزاز انبثقت كورم خبيث جعل يستشري في جسد تونس.. وما همّ العديد ذلك عدا الأصيل والجنديّ والمتيّم بعشق الوطن والعشق عطاء.. تحولت ثورة الكرامة إلى ثورة المطالبة بالتشغيل والترسيم والترقية وزيادة الأجور والتشفي والانتقام. والضحية تونس.. تونس التي أعطت حتى آخر حبّة رمل فيها لا تجد اليوم سوى بضع أصوات تدافع عمّا يمكن إنقاذه.. تونس التي طالما قدّمت لأنّها لا تعرف غير ذلك تجد اليوم سكاكين تطعنها من جوانب متعدّدة وهي التي لم تفق من جراحها وقد امتصّت عصابات المافيا وحكّامها كامل دمها.. تونس في حاجة إلى التبرع بالدم لتنهض.. تونس أمّنا في غرفة الإنعاش ستموت إن لم نسارع لإنقاذها.. فيا من تدّعون الوطنية المطلوب منكم عدم غرس السكاكين فيها أمّا الإنقاذ فسيتولاه عاشقوها الحقيقيون سيلملمون جراحها سيتبرعون لها بأجرة أيام عمل وهو من خيرها وهو من فضلها علينا.. سيكنسون أوساخها من الشوارع والمنظمات والأحزاب.. كفّوا أيديكم عنها واتركوا عشّاق تونس يخرجونها من غرفة الإنعاش ويوم تستعيد بعض صحتها ستكون كريمة لأنها تونس وحنونة لأنّها تونس وحبيبة لأنّها تونس. كفّوا أيديكم حتّى لا يكون لها زوج آخر غير أبيكم يعيّرها بكم ويمتهنها فلا تكون ولا نكون جميعا. رأفة بتونس ومن أجل بقائها كفّوا اليوم عن مطالبتها بما لا تملك حتى لا تخرج إلى الشوارع مومسا لتوفّر لكم ما تريدون أو تعمل لدى الأوروبي والأمريكي وغيرهما حتى تعولكم فيستعبدونها. تونس أمّنا جميعا فمن يرضى لأمّه بهذا. رجاء لا لا لا لا.. رجاء توقفوا فتكونون مثال الثورة ويحقّ للتونسيّ أن يقول إنّه سيتونس العرب والعالم. نتباهى بتصدير الثورة فمن مصر إلى الجزائر إلى... وثورتنا من لها؟
كفى مطالبات الآن.. كفى بناء عشوائيا... كفى تخريبا للمحميات الطبيعيّة والمواقع الأثرية والمؤسسات العامّة والخاصّة.. كفى تشويها لوجه المدينة.. كفى انقطاعا عن الدروس وغيابا عن العمل.. كفى فوضى.. كفى.. كفى..
إنّ تصحيح المسار واجب وطني على الجميع تحمّل المسؤولية تجاهه.           

4 التعليقات:

الحلاج الكافي a dit…

المشكل أن التجمعيون أصبحوا يزايدون على النقابات ويحرضون الناس على مطلبية رخيصة...وهم يجدون الأذان الصاغية أخيانا

bacchus a dit…

بداية مرحبا بك صديقي
بالنسبة إلى التجمعيين فذاك عدوّ معلن
الخوف من الأعداء في ثياب الأصدقاء
الحلاج اكتب ولا تتكاسل دعوة من صديقك باخوس

brastos a dit…

مع اتفاقي معاك الى حد كبير ، فإني دائما ادعو الى اليقظة و مزيد من اليقظة من الحركات الارتدادية متاع خمّاج العهد السابق .. و اللي ما يجيكش غريب انّهم هوما اللي ورا هالحملة المطلبية المبالغ فيها و اللي نتفقو الكل في انّها موش مقبوله خاصة اذا ما راعتش خصوصية المرحلة هاذي

bacchus a dit…

@brastos
مرحبا براستوس
غيبة طويلة؟
إذا كنّا متفقين حول خطر الحملة المطلبية
وإذا كان كل واحد يشوف البلاد كل يوم في تأخر في الاقتصاد والأمن والنظافة وأبسط سلوك المواطنة وغيرها وما زال يطالب ويضرب يصبح السؤال في مصلحة شكون هذا؟ اللي قامو بالثورة أو اللي ضدها وبالتالي نتمنى أنو الناس هاذم يعاودو يفكرو لأنهم ما نظنش يحبو تونس
شكرا صديقي على المرور والتعليق

Enregistrer un commentaire