jeudi 29 mars 2012

أمثال شعبية في زمن الهلوسة 2

بعد الأمثال الشعبية في زمن الهلوسة1 إليكم الأمثال الشعبية في زمن الهلوسة2

- في العقدة يخرى النجار: موقف النهضة من السلفيين

-خبز وزيتون عيشة مغبون: المثل مزيف وأصله لطفي وزيتون وشعب تونس المغبون

-عمتك أخت بوك خال ولدها شكون؟: من أخطر أسئلة الوجود عند التكفيريين

-اللي ما تعرفش تندب لواه يموت رجلها: تونس وشهداؤها وجرحاها

-كلام الليل مدهون بالزبدة تطلع عليها الشمس وتذوب: الوعود الانتخابية لجماعة الترويكا 

-آش جاب فاطمة لحْبيبة .. وآش جاب الحبس للحمام .. لو كان الغولة تولي طبيبة .. حتى الضبع يجي حجام: من زاروا تونس وقالوا دعاة الإسلام والسلام
  
-الحنضلة ما تولي تفاحة و الخرشي ما تبان فيه ملاحة: من دنّس علم تونس

-اربط البهيم حذا البهيم..إذا ما علمو الشهيق يعلمو النهيق: تحالف بعض الأحزاب

-عاملين كيف الدجاج كل نهار يقولو غدوة انطيرو: أعضاء الحكومة في تصريحاتهم

-مشيانك حافي ولا تكركيرك في الشلايك: للشعب التونسي بعد تعيين بعض وزراء ما بعد الانتخابات

-كان النواح بالطلبة لا يرحم من مات: إلى وزير حقوق الإنسان لكن وقتها ميمونة تعرف ربي وربي يعرف ميمونة (موش في السد متاع المسعدي)

-قالوا للجمل زمّر قال لا شفايف ملمومة ولا صوابع مضمومة: حال الشعب التونسي اليوم

-الحرث المغشوش خطوطو خسارة: الانتخابات حين تخيّب الآمال

-دخلّناهم يشربوا فى الرايب قالوا وحقّنا فى الزرايب: وزير التشغيل 

-الماء اللي ماشي للسدرة الزيتونة أولى بيه: أحسنت وبرا شوف فاتورة الصوناد يا معلم

-آش مقعدك مع النخالة حتى يبربشك الدجاج: صديق كنت أودّ ألا أراه في المشهد السياسي الرسمي اليوم

-كان قاعد قام يبوس في الحيط: المرزوقي الحقوقي والمرزوقي الرئيس 

-كسكسلو يرجع لأصلو: حزب النهضة بين التفجيرات والانتخابات

-ما تاخوش هجّآلة و كان يبدى خدّها مشموم، قد ما تكركر وتجيب تقلّك يرحم المرحوم: الدساترة والتجمعيون الجدد
 
-ملّسْ من طينكْ يقعدلك إذا ما جا بُرمة يجي كسكاس: إلى عشاق تونس

الدنيا بحر... فيها الباهي و المشوم... و انتي اعرف وين تعوم.

samedi 17 mars 2012

المقامة الجاهلية

 
المقامة الجاهلية
    حدّثنا شاهد بن أزمنة بن تاريخ قال: اتَّفَقَتْ لِيَ حَاجَةٌ بِتونس فَركبت إليها خيل الزمن وكنت تركتها تخرج من المآسي إلى المحن.. وفي البال أنها صارت قِبلة الحرّ وأجود الدرّ والقيد قد انكسر واستجاب القدر وقد صارت من أكبر الديمقراطيات بعد أن تزعمت ربيع الثورات..

   دخلتها ممنيا النفس بطيب المقام متخذا للتغزل بها جميل الكلام.. فما راعني إلا الذباب والجرذان على القمامة تحتفل وجماعات الأحزاب على كرسيّ حمّام تقتتل..  والناس أعدادهم غير أرقام البرية فكل مسيرة من بضعة أنفار تسمى عندهم مليونية.. وهم بين تفكير وتكفير وقد خان أغلبهم التدبير.. وقال قائلهم هرمنا من أجل هذه اللحظة التاريخية، كيف هرم والثورة قيل شبابية؟.. واحتار الذهن في أمر هؤلاء الناس حتى أخذني النعاس. وابتدأت الكوابيس وانكشفت الكواليس.

    هذا يريدها برلمانية والآخر رئاسية والثالث خلافة على منهاج النبوة وعمر وأبي بكر بن قحافة.. أي كعهد السلف ومن تلاهم وتلف.. حتى جاءهم من يبشر بإشارات ربانية أحلافه يلصقون بالخصم مؤامرات وإن تفطن إليهم الخصم فخطابه حقل فزّاعات.. هكذا صار الشعب قبائل وحظّ تونس (مكبوب مائل).. وفجأة علا صهيل الضوضاء على خيول يركبها المومياء.. فأَرْهَفتُ أُذَنَيّ، وَفتحت عَيْنَيّ، فرأيت من بالأمس أفتى بختان النساء وآخر رأى في قطع الأيدي والأرجل للاقتصاد شفاء.. وابتدأت المليونيات وانطلقت الغصرات مما يرسل الأَبْوَال، فأَخَذَتْ نَحْوَ الجِبَال، فأنا غريب الأهل والدار في بلد سكت فيه الثوريّ ونطق فيه السمسار..  وابتدأ عصر الغزوات وكان أولها غزوة الكليات وقضية النقاب والتكفير تلتها غزوة تمزيق العلم تحت التكبير وسجل يا تاريخ الكل في كتاب حرية التعبير.. 

    قال شاهد بن أزمنة بن تاريخ: فلما أردت الجبال ملجأ يعصمني ومن عدوى ثورة مزيفة يسترني..  برز لي أحدهم يحمل علما أسود في لون المَوتِ يقول بجهور الصوت وقد انتفخت أوداجه وكشّر عن أنيابه.. فقلت خطْبٌ مُلِمٌ، وَحَادِثٌ مُهِمٌ، وصاح تكبيييير وَدَعَا ذلك أَخَاهُ، فأجاب بمثل مَا دَعَاهُ، وقال الديمقراطية علّة وخروج عن الملة فَصارَ إِلَيْهِ، ومثل بين يَدَيهِ، وقال الشريعة لا الدستور ومن خالفوا نواريهم القبور.. وصارت البلاد لا تَمْلِكِ الذَّهَاب وَلاَ الرُّجُوع، وضرب الناس إلى الحرية الظَّمَأُ وَالجُوع، وفجأة عَنَّ لي شابّ فَصَمَدْت صَمْدَهُ، وَقَصَدْت قَصْدَهُ، وَلَمَّا بَلَغَني جعل يُخرج الشهد من شفتيه ويشير إلى المستقبل بِيَدَيْهِ، فَقُلْت: مَالَكَ لاَ أَبَا لكَ؟ فَقَالَ: أَنَا لسان الشعب وحالِه والشاهد على صِدْقِ مَقَالِهِ، ثُمَّ قَالَ: أَنَا شهيد الثورة والجريح.. أنا من أشعل أول الثورات في الشوارع والانترنيت.. أنا من تصدى للرصاص بالحجر.. أنا من فضح القمع بتنزيل الفيديوهات والصور.. أنا من أخرجت الملتحي من السجون والمعتقلات وإن خانني صاحب البرنس الواقف إلى جانب المنقبات والمحجبات والسافرات..أنا من خانني صندوق الانتخابات بسواد النفط على الدولارات.. أنا الشاب الحر لا أمريكا ولا قطر.. أنا من ميّز بين الثورة والثور والأفكار الغبية.. انا من يرى ثورتي تدعيها الكورة والحقائق الخفية... أنا من صاح التشغيل استحقاق يا عصابة السرّاق.. أنا من أنس غاز القنابل في الشوارع وغيري في بيته قابع.. أنا من صمت بعد الثورة وكشف العورة.. وأنا من قال الشعب يريد إسقاط النظام ومحاسبة الحكام.. أنا التونسي ابن التونسية.. سيّدة الشعوب العربية.. أنا الشعب الواحد والشعب القائد.. وكنت أحسبني للثورات رائد وللحرية عائد قبل أن يفاجئني معتنقو التكفير صنائع قندهار.. وباستبسالي سمحت ذات نهار.. لأفغان تونس أن يتحدّثوا عن العهد البائد ويسمح لهم بنشر الجرائد.. وقبل أن بالكفر يرموني ومن المساهمة في مستقبل البلاد يعفوني وبتمزيق راية بلادي أهانوها وأبكوني .. أثورة هذه أم عورة؟ 

    قال شاهد بن أزمنة بن تاريخ: قررت البقاء في تونس زينة البلدان لأمسح عن أجمل وجنتين دموع الأحزان ورثيت لحال الفتى المناضل يطعنه أبناء جلدته وهو في سبيل تخليصهم يقاتل.. رثيت لمن أحب وطنه كلّ الحبِّ ولتاجر دين تواطأ مع الغربِ فتذكرت جاهلية أحمد مطر:
في زمان الجاهلية
كانت الأصنام من تمر،
وإن جاع العباد،
فلهم من جثة المعبود زاد؛
وبعصر المدنية،
صارت الأصنام تأتينا من الغرب
ولكن بثياب عربية،
تعبد الله على حرف، وتدعو للجهاد
وتسب الوثنية،
وإذا ما استفحلت، تأكل خيرات البلاد،
وتحلي بالعباد؛
رحم الله زمان الجاهلية 
    قال شاهد بن أزمنة بن تاريخ: لن أترحم على الجاهلية ستنتصر  تونس وشعبها فهي الآن الحرّة العزيزة الأبّية.



jeudi 15 mars 2012

الهادي قلة... بابور خش البحر


تأبينا للفنان الهادي قلة وقد توفي يوم 14مارس2012 وتقديرا لمجمل أعماله أهدي هذه التدوينة وللأمانة فالمعلومات مصدرها ويكيبيديا
 
الهادي قلة ولد في الدندان يوم 24 فيفري 1951 وتوفي يوم 14 مارس 2012 فنان تونسي ملتزم.
درس الهادي قلة بفرنسا وهو حامل لشهادة عليا في الترجمة التقنية باللغات الإنقليزية والفرنسية والعربية كما يمارس مهنة الترجمة الفورية في اللغات الثلاث.
أخذ الهادي قله حبه للموسيقى والغناء من أبيه حسن قلة الذي كان من أبرز المنشدين للمقامات التونسية، إذ كان منشدا في المدائح والأذكار في نهج الطريقة السُّلامِيّة، نسبة إلى الشيخ عبد السلام الفيتوري، بالإضافة إلى إلمامه بالموسيقى الشرقية والموشحات والأدوار. فكانت انطلاقة الهادي قلة في الموسيقى منذ فترة الدراسة الثانوية في إطار مجموعات موسيقية للشباب في مدينة تونس، وقد طوّر خلال ذلك عزفه على آلة العود. وبالإضافة إلى ذلك فقد شارك منذ أواخر الستينات في أعمال مسرحية وسينمائية.
أما مشواره الفني في التلحين والغناء فقد بدأه خلال السبعينات وهو ما يزال طالبا بفرنسا، وغنى لأول مرة بتونس عام 1977 في سهرة الشعر العربي على ركح مسرح قرطاج الأثري في عرض تميز بمشاركة الشاعرين الراحلين محمود درويش ونزار قباني. وكان يغني بمدرجات الجامعات وفي التظاهرات الطلابية في أوائل مشواره، ولكن سرعان ما اهتمّت بعمله العديد من الجمعيات العربية والفرنسية وأطراف مختلفة من عالم الفن والثقافة. وهكذا شارك الهادي قلة في العشرات من المهرجانات المخصصة للجاليات المهاجرة كما في المسارح والمهرجانات الفنية في فرنسا وإيطاليا وبلجيكا وألمانيا. ويمكن القول بأن تجربة الهادي قله الفنية كان لها أثر فعال في ظهور عدد من المغنين والمجموعات الموسيقية في تونس، من بينها محمد بحر وتوفيق المستاوي والزين الصافي والأزهر الضاوي وفرق ملتزمة عديدة من بينها البحث الموسيقي وعشاق الوطن. وقد غنى الهادي قلة بالعربية والدارجة للعديد قصائد لشعراء من بينهم أبو القاسم الشابي والمولدي زليلة ومحمود درويش وبلند الحيدري وإيليا أبو ماضي وسميح القاسم ... كما أدى أغاني الشيخ إمام وسيد درويش...
غنى الهادي قلة للمظلومين وللفقراء والمهاجرين وللقضية الفلسطينية... وقد وجد تجاوبا خاصة في الأوساط الطلابية والنقابية.

    بابور زمر، شعر المولدي زليلة (تونس)
    ألا أيها الظالم المستبد، شعر أبي القاسم الشابي (تونس)
    برقية من السجن، للشاعر محمود درويش (فلسطين)
    سجل أنا عربي، للشاعر محمود درويش
    خطوات في الغربة، شعر بليد الحيدري (العراق)
    صوت الجية الضائعة، شعر سميح القاسم (فلسطين)
    مرثية محمد جديرة، شعر علي سعيدان (تونس)
أشهر ما غنى الهادي قلة وهي من كلمات المولدي زليلة تقول كلماتها:
    بابور الهجرة
بابور زمّر خش البحر
عطى بالظهر
لارض الوطن عز الوكر
بابور زمّر خش الغريڨ
سالك طريق
ڤدا أرض غربة تشيح الريڨ
عاطي بظهره لوجه الصديڨ
و ڤلب الرفيڨ
وجوه الاهالي طافية صفر هم و كدر
بابور زمّر بالصوت عالي
عل الوطن جالي
يحمل شباب عالشعب غالي
ڤداه اليدين ترعش تشالي
دمع الأهالي
يلذع و يجرح شبح النظر
حرڨ الشفر
بابور زمّر خاشش لبحره
ڤدا أرض برة
لسماء صافية عاطي ظهره
يحمل شباب من أرض خضراء
لحياة مرة
كما يحمل الواد وڤت المطر
عتوڨ الشجر
بابور زمّر هج مالوطن
في مثيل سن
يڤص الموج ڤص الجبن
عل البحر أزرڨ خلـّف كفن
خلـّى السفن
عالشط ترعش خايفة الخطر
هاج البحر ماج البحر
بابور سافر عل العين غاب
تحت الضباب
محشي معبي بخير الشباب
وسڤوه للاجنبي بلا حساب
مثل الدواب
الفرڨ بينه و بين البڤر
جواز السفر

mercredi 14 mars 2012

الأدب الكلاسيكي والأدب التدويني

  
       هذه الورقة قدمتها يوم 13مارس بمناسبة الإعلان عن اليوم الوطني لحرية الانترنيت.
طلب مني الصديق وسام التليلي هاتفيا الكتابة عن التدوين والأدب. وكان أن أبديت بعض التردد أقرب إلى الرفض لمتطلبات عملي ولكنّه أصرّ وانتهت المكالمة.
     فكرت بعد ذلك في وجاهة المناسبة (تكريم زهير اليحياوي والإعلان عن يوم وطني لحرية الانترنيت مطلب طالما تحركنا من أجله جميعا ) فهاتفت وسام وطلبت منه أن يمدني بفكرة عن الجمهور الحاضر فقال العديد من المدونين. قلت حديقة أضرب فيها عصافير بباقة ورد واحدة وليس "فوتوشوب"  وقررت المشاركة ولكنّ ضيق الوقت إن من حيث الزمن الفاصل بين الدعوة وتقديم هذه الورقة... وإن من حيث قصر زمن تقديمها.. جعلني أميل إلى أن تكون كلمتي أقرب إلى الملاحظات منها إلى البحث الأكاديمي في شأن علاقة التدوين بالأدب.

      لعلّّ كتاب ألف ليلة وليلة الذي لا يعرف له مؤلف هو أشهر الكتب.. ولعلّ أبلغ درس يمكن الخروج به منه هو أنّ من لا يحكي يموت.. وكذا كان أمر شهرزاد التي أنقذت نفسها وبلادها من دموية حاكم بفضل حكاياها.. بل لقد حوّلت الطاغية إنسانا سويّ السلوك بفضل ما حكت.
 ولا يفوتني هنا كذلك أن أذكر ابن المقفع الذي رام إصلاح السلطان بحكاياه المثلية في كليلة ودمنة ولكنّ الموت كان مصيره مع سلطان مستبد.. الحكاية تحيي أو تقتل والحكاية أدب فما علاقة التدوين بالأدب في المشهد التدويني التونسي؟
للسؤال بعدان:
     أمّا الأوّل فهو احتفاء التدوين بالأدب باعتبار المدونة فضاء لنشر الأدب إبداعا أو نقدا.
    أمّا البعد الثاني فهو التوسل بخصائص الأدب في التدوينة خدمة لمقاصد أخرى يرنو المدوّن لها.... والبحث في المجالين محفوف بإكراهات عديدة منها شحّ البحوث في المجال وجدّة الموضوع وغياب تأريخ للتدوين في تونس (وأدعو بالمناسبة إلى التحفيز لإنجاز هذا العمل حتى لا يضيع جهد جيل كامل عانى من أجل كلمة حق تشرق)
     لقد صار من المشروع أن نطرح قضية الأدب وتفاعلاته، في مواقع التواصل الاجتماعي وقد غدا الأدباء والنقاد يشدون الرحال إلى الشبكة العنكبوتية التي فتحت لهم أحضانها ليبرزوا طاقاتهم ورؤاهم وحساسيّاتهم؛ وهو ما كرّس ما يُعرف اليوم بالأدب الرقمي لقد مرّ الأدب بمراحل متنوِّعة (الشفوية، الطباعية، الرقمية) وصار تاريخ الأدب هو تاريخ الأنواع الأدبية في علاقتها بالوسائط التي يستخدمها، فبعد أن كان المتلقي مستمعا في الأدب الشفوي صار قارئا في الأدب المكتوب ليتحوّل إلى زائر في الأدب الرقمي. أمّا المبدع فقد وجد في الشبكات الاجتماعية فرصة لتحقيق أهداف منها: تحقيق الذات، والترويج لعمله، وتعويض إبعاده عن الوسائط المتداولة عادة (الجرائد، المجلات، الملاحق الثقافية..)
     إنّ سؤال الأدب الرقمي صار أمرا ملحا بعد أن هاجر العديد من المهتمين بالأدب إلى مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك، تويتر، مدوّنات شخصية، منتديات..)  لمَ لا وقد وفرت لهم هذه الوسائط فرصة لإثبات ذواتهم والخروج بإبداعهم إلى الناس فأفاد الأدب إذ صار يُقْرأ بطريقة تفاعلية من خلال التعليق المباشر على النص داخل المدونة مثلا مما قد يساهم في الحد من أزمة القراءة التي بات المجتمع يتحدّث عنها.. بل إنّ أدب الستاتي في الفايس بوك -بوصفه وسيطا هاما- قد ساهم في نشر نوع من الأدب استجاب لأجناس جديدة مثل الهايكو في الشعر والقصة القصيرة جدا في السرد والخاطرة.. فلم يعد القارئ زائرا فقط يتسكع بين الكم الهائل المنشور بل صار يتفاعل مع ما يقرأ ويناقش.. (وللموضوع أهمية كم أرجو أن يقع التصدي لها بالبحث وقد صارت ظاهرة في حياتنا اليومية ممّا يفنّد مقولة إنّ الأدب قد تجاوزه العصر بل ومقولة موت الأدب التي ما فتئ العديد يرددها.. وهنا لابدّ من الإشارة إلى خطر محدق باللغة عربية كانت أو أجنبية يتمثل في الأخطاء اللغوية وكتابة الحروف لاتينيّاً بالنسبة إلى الأدب العربي.)
    سأنهي كلمتي بالحديث عن توظيف الأدب في المدونات التونسية  فلئن سعى بعض المدونين إلى جعل بعض تدويناتهم أدبية سواء بعربية فصحى أو لغة أجنبية وهنا أذكر مدونا يوقع باسم الحلاج مثلا أو من اتخذ جنسا أدبيا عنوانا لمدونته (قصة أونلاين) أو من انتهج الكتابة بالعامية التونسية مثل (علي سعيدان واهتمامه بالفن الشعبي شعريا بنت طراد كذلك) أو (غوفارنور نورمال لاند أو البرباش سرديا) (أو من كتب عن يوميات ومشاهد وآراء ونقد وهنا أذكر مثلا فاطمة أربيكا ولينا بن مهني وبيغ تراب بوي) وهي أمثلة للذكر لا للحصر فالبلوغوسفار التونسية تزخر وتفخر بالعديد من المدونين الرائعين فأعتذر لعدم ذكر أسماء أخرى فالمناسبة يسيّجها الاحتفاء وليس صرامة العمل الأكاديمي.
     إن توظيف الأدب كان لغايات جمالية سواء من حيث البحث عن أشكال تعبير طريفة تمسك بالقارئ وتغريه بالتفكير في الموضوع المطروح أو من حيث توظيف الأدب لغايات التستر من الرقيب في زمن تسجن الكلمة فيه في الحلوق حتى لا يسجن كامل الجسد في غياهب السجون. وبمسح المدونات التونسية من حيث توظيفها الأدب في التدوينة لمقاصد يروم المدون تحقيقها أمكننا حصر بعض التقنيات لدى المدونين في تونس منها:   
-       التناص: ويتمثل في التصادي مع نصّ أدبي قديم أو حديث من أجل بسط الفكرة المراد تبليغها فلا يقع ذكر النص الأصلي صراحة ولكنّ بصمته لا تغيب عن النص الجديد المنتج.
-       الاقتباس: وهو أن يعمد المدون إلى اقتباس نص معروف عادة ويتصرّف فيه وفق مقتضيات الهدف الذي يرنو إلى تبليغه وذلك بتغيير الأسماء أو التصرف في بعض الأحداث
-       التضمين: وهو أن يضمّن المدوّن صراحة تدوينته نصا سرديا أو شعريا يراه معبرا عمّا يختلج في نفسه.
-       المحاكاة: وهو أن يحاكي المدوّن جنسا أدبيا قديما مثل المقامة أو النادرة أو فن الترسل ثمّ يخلع عليه جدّة العصر فيكون النص طريفا من حيث تناغم القديم شكلا والحديث موضوعا.
إنّ هذه الأساليب التي ذكرت كانت وليدة مقام ومقاصدَ. أما المقام فهو عهد الطغيان، كان لابدّ فيه من التستر لحفظ السرّ حتى لا ينكشف الستر وأمّا المقاصد فهي البحث عن طرق تعبير طريفة ليطول بقاء الزائر أو نشدان عودته فكل صاحب رأي لا مفرّ له من البحث عن ألاعيب فنية ليأنس متلقيه به.  
       إنّ ضيق محبس الوقت دعاني إلى الإجمال وما فيه من تجنّ على الموضوع وعلى أصحاب المدونات لذا عذرا على الإطالة وشكرا على الاستماع وأبشركم أني أنهيت.