mercredi 13 novembre 2013

من مسح وجهه بمعطفي؟

      

  من مسح وجهه بمعطفي؟

  على سبيل البداية غير البريئة.

     يُحكى والعهدة على من روى أنّ أحدهم علّـق معـطـفه على الحـائط في أحـد المـطـاعم وذهـب  إلى بيت الراحة (هكذا قال) وفي هـذه الأثـناء قـام شخص ورسم على ظهر المعطف رأس حمـار ولما عاد صاحب المعطف ورأى ما رآه قـال من مسـح وجهـه بمـعـطـفي.
أ تراه كان جواب المغتاظ الذي لا حيلة له أم جواب الداهية غايته وصول الرسالة إلى المعنيّ بها كائنا من كان؟

فيما تطبّع عليه إنسان حتى صار طبعا فيه
     لحكمة لا يعلمها سوى الله والراسخون في العلم وأهل الفطنة أنّ (ذكرا أو أنثى) يدّعي أحدهما نعت الرجولة بمعناها القيمي (وهي صفة في طريقها إلى الانقراض)  ينتقل من نفاق (الأنظمة) الى نفاق( الثورات) فيسابق أحدهم الآخرين إلى الانبطاح ولعق الأحذية وادّعاء النضال غايته أن يمسّح سيّده عليه ككلب يلقي صاحبه له عظما فيهرع لجلبه وإعادته إليه وكلّه لهفة وحمق كذاك الأعرابي الذي وصلت القافلة التي كان فيها إلى مكة فترك الجميع وهرع إلى الكعبة متعلقا بأستارها قائلا:" يا ربّ حقق مرادي الآن قبل أن يتكاثر عليك القوم فتنساني."  
  
في من أنسته اللهفة الحكمة
     وزير الشؤون الدينية في تونس الخضراء رأى إعادة الأوقاف والوقف هو الحُبْس بضمّ الحاء في اللغة وكيف لا يكون الضمّ في اللغة وفي فؤاد من رآه استحقاقا من استحقاقات الثورة فمشروع القانون المطروح على المجلس وقد قيل تأسيسيا سينجرّ عنه زمن طويل لتعديل مفهوم الملكية الخاصّة والأملاك العمومية وكلّ هذا حسن ما دام في دواليب الدولة يرسّخ قدم آله وذويه والمؤلفة قلوبهم بالعطايا والهديا بل سيكون مصدر تمويل لحراك أصحابه دون مراقبة وقد كثر القيل والقال عن التمويل الأجنبي للإرهاب وشراء الذمم. هكذا يريدون لتونس أنّ تعتمد على مواردها الخاصة ف(تؤمم بيت مال الإرهاب) و(تخوصص) مشاريعه خشية انقطاع التمويل الأجنبي. بشرى لنا فقد ابتدأت الجماعة تتخلص من التبعية الأجنبية فطوبى لنا ونحن نستقلّ في مجال اقتصاد الإرهاب.

فصل في من ظنّ أنّه فاعل فوجد نفسه مفعولا به نحويا ومعنويا
     الرباعي المبادر إلى الحوار الوطني بكلّ فخر واعتزاز.. عنترة زمانه.. قاهر الجرذان ومزلزل أركان الرهبان.. دعا هذا الرباعي وفي ظنّه أنّه سيغلب الثلاثي بحكم علم الجبر قلت دعا إلى حوار وطني فانقلب عليه الثلاثي فذهب في خبر كان وكيف لا ففي مستقبل الأيّام إذا تحرّك الشارع سيجد كبيرهم الذي علّمهم السحر نفسه سجين مبادرته إذ ما تراه فاعلا إذا تحرّك الشارع ضدّ السلطة المؤقتة القائمة؟ فإذا دعا الثلاثي إلى العودة إلى الحوار ورفض الرباعي يكون انقلابيا يرفض الحوار وإذا قبل بالحوار فستكون مناورة أخرى يربحها الثلاثي للمرّة الألف ويخسر الرباعي مساندة الشارع نهائيا. قد يفعل الانسان بنفسه ما لا يفعله عدوّ بعدوّه.

في تدريب العقول على الأخذ بظواهر الأمور فتنفذ عظام المصائب
     النفاق الإعلامي يقول: سلفي متشدد.. التشدد الديني.. لغة تُذكر بخارطة الطريق يوم ضاع الطريق وبقيت الخارطة التي لا تؤدي إلى أيّ مكان. ثمّة دين وثمة إرهاب.. مسلم أو إرهابي.. فرجاء تسمية الأشياء بأسمائها. فاللعب على حبل اللغة يطمئن الإرهابي قبل المستهدف بالإرهاب. لا شيء اسمه التشدد الديني هي بدعة كمن يقول لشخص هذا ليس صحيحا لأنّه يخاف أن يقول له لقد أخطأت. نسمي الأشياء بمسمياتها يا (فحول) اللغة. لا (تستفعلوا) في اللغة.  

في أنّ بعض النُخب تنساق كالقطيع.
     مصيبة بعض النخب أنّها تنجرف وراء التيار فاذا كان وضع الحال مع فلسطين أهملوا كلّ  شيء وركزوا على فلسطين واذا كان الجو العام مع الحراك الاجتماعي هرعوا إلى الفصاحة والبلاغة لتثمين هذا الحراك وإذا كانت اللحظة لحظة حوار تراهم يمجّدون ويسيرون في درب من سار. وقد يحدث أن يكون الموضوع العام هو (الحريات) تراهم يتركون كلّ ما سبق وركزوا عليها !أيّة نخبة هذه التي يقودها الآني المتحوّل فتنسى الهدف الثابت؟ أيّة نخبة هذه التي تفكّر فيما تفكّر فيه العامّة عاطفيا فينساقون وراءها متناسين واجبهم المنطقي العقلي الاستراتيجي.  

في الصكوك والسيولة
     الربيع العربي صكّ على بياض تسلّمه الفارون إلى العواصم العربية والغربية سابقا ومن فرّختهم السجون بتهمة ترهيب الناس فيخطّون عليه ما شاءت لهم أوضاعهم ووضاعتهم وهو أي الربيع العربي سيولة كلام كجريان الجوف ونفخ أكياس بوعد وتوعّد يسخر منه الصديق قبل العدوّ. أ فتراه عصر التراجيديا ما نعيش أم هي الكوميديا السوداء؟ 

على سبيل الخاتمة
     لقد صار الحال فيما يسمى الثورة أكثر أسفا بل حمقا ممن وجد كنزا فدفنه ليعود إليه وجعل ظلّ سحابة علامة في مستقبل الأيام تدلّه على مكان كنزه.