jeudi 7 mars 2013

أنت الآن سكران

   
    

    هذه التدوينة لا يقرأها سعيد في هذه الآونة لأنها تدمّر سعادته ولا المكتئب لأنها تجعل سواد رؤيته أكثر حلكة. ألا هل بلّغت؟  

    أنتَ الآن سكران
    وأنا عبثاً أبحثُ عمّا يمكن أن يوقظك.. لقد اخترتُ يا صاحبي -كما ترى - أن يوقظك بدلَ أن يفيقك فإنَّ باخوس أخبرني مرةً : أنّ المنتشين يبدعون الفنّ والثورة والحريّة وأنا أصدّقته وبقيت أنتظر زمنا شعبا انتشى ولكنّه لا يأتي !
    أعرفتَ الآن يا صَاحبي لمَ لا أغفل لأني أنتظر لأساعد ؟! مدمّر هو الانتظار، قاسي الوجه، عبوس قمطريرا والأكثر تدميرا حاجتنا لما ننتظر لهَذا لا تلُمنِي حين أكره مواعيد الانتخابات وتاريخ تشكيل الحكومة والانتهاء من كتابة الدستور وكل ما يمتُّ بصِلَةٍ للانتظار!
                       ........................................
    انس هذا الآن ولنلعب لعبة الذاكرة فالذاكرةُ هي أقصر ما يمتلكه التونسي والعربي عامّة
ولنعد إلى مقاعد الدراسة زمن كنّا في ابتدائية الثورة
    قالَ القصباجيون: لا بدَّ لكلّ ثورة من شرعيّة
    وكنّا وقتها نتهجى الحروف وقال صخش لا شخص أعلّمكم ألف لام ميم
    تذكر يومها صحنا ألم.. لم يقل الصخش شيئا سوى سنلتقي وإن على غير موعد ورضينا بما قال. أتذكر أنّا كنّا غافلين عن مخطوط في يده بداية قبل أن يمدّه إلينا وقال وقّعوا فوقع البعض منّا في الخلف ووقّع من كان قرب المعلّم ولمّا اطمأنّ على المخطوط بين يديه قال: سنعود إلى بداية القصيدة وهي الوقوف على الطلال وشعرنا بالغربة في قسمنا وقال ألف لام ميم قرآن قلنا اتفقنا على تركيب الحروف معا لتكوين الكلمات والجمل. أتذكر يومها استدعى عضاريط القسم وابتدأ التهديد.
             .........................................................
    أخبِرني الآنَ ، أما زلتَ تُوقر هذا الصخش يا صاحبي
    أمّا أنا فأرى أنّ الصخش هذا لو كانَ شابا لكَانَ مجرما ولو كانَ امرأةً لكانَ بائعة أحلام وهوى ولو كان كهلا لكان إرهابيا ولو كَانَ شيخا لكانَ حَاكماً في زمن ما بعد الثورة.
    هَذا مع الاعتذارِ للرَّجال !الذين لا يذّكرهم إلا الشرفاء بشبابهم
                 ...................................................
    كُنا صِغاراً يا صَاحبِي زمن ولادة الثورة وكانتْ أكاذيبُ الكِبارِ تنطَلي علينا بيُسرٍ
قالوا لنا : عندمَا نحكم ستُصبحُ الدُّنيا أجمل
وحكموا على عجل واكتشفنا أنهم كانوا يكذبون
    وما عاد بالإمكان أن نرجع القهقرى !حتّى من ادّعوا فينا تجربة وقالوا معارضة نقودكم لنوقف سيل الخداع تراجعوا يوم استشهد أشجعهم واكتشفنا أنّا خُدعنا مرتين. وما بقيت سوى خرافات وأخبار يسكّنون بها الخوف في ليالينا عبر شاشات التلفاز وما يزيدونا سوى الرعب حتى تعبنا من الخرافات والأخبار.
              ........................................................
    هنا تونس يا صاحبي
    هنا قانونُ الشرعية صار كقانون الجاذبية مخالف إن أنت أنكرته
    هُنا من أخذ علمه عن فقهاء المَارينز
    هنا صرنا أفضل حكومة في التاريخ على إيقاع شعب الله المختار مع اختلاف بسيط أنّ اليهودي لا يغدر يهوديا آخر.
    هنا مناشدو الأمس في لباسِ الثوار
    هُنا بعض المعارضة يُفاوضُ على التنازل عن آخرِ بارقة أمل
    هنا أحداث سليانة والرشّ والاعتصامات ويجب قطع الأيدي والأرجل من خلاف؟ وكأنّ المَعدة الجَائعة لا تُقاتل ؟!
    هنا المُواطنون لا يعنيهم ما الذي يدُور في المَجلسِ التأسيسي وإن عناهم فلمقطع كوميدي حدث فيه
    هُنا متنفذون  يُهرِّبونَ بضائع إلى الخارج دفع صندوق التعويض الكثير فيها من مال المواطن  ليزدادوا ثراء فاستبدل المواطن قفته بكسكروت إن استطاع إليه سبيلا.
    هُنا المساجدُ اشتاقت إلى مذهب أهل البلد بعد أن عزلوه عن منابرها وادّعتها وزارةِ الشؤون الدينية التي غضّت الطرف عن الفتاوى الوهابية !وصمتت عن تنطّع شيوخ الزيتونة.
    هنا قرطاج ولو عرفَت عليسة أن طرطورا سيسكنها ما بنَتها !
    هنا تونس ولو شكّت يوما أنّ الغربان ستغزوها لرفضت اسم الخضراء
    وهنا المتخاذلون
    هُنا الغنوشي يهدي مساجينه عرق أهل البلاد وكفاحهم وثورتهم !
    هنا المثقفون الذين لا يعرفون سوى حائط الفايسبوك يبكون عنده ويشكون!
    وهنا الأذلاء والمتملقون والمخادعون (قلال الأصل)
    هنا رابطات حماية الثورة تعيد استنساخ البوليس السياسي وهذه بضاعتكم ردّت إليكم
    هنا الخليفة السادس يعانق ماك كاين أو هو يقبّله ويراقصه في مقرّ السلطة  
    هنا يلاحق صوت الحق والعدل فيسجن أو يقتل
    وهنا الشجعان أيضا الذين لم يقعدهم الخوف أو الانتهازية عن الحق
    هنا الذين رفضوا " أطعم الفم تستحي العين "
    هنا مواطن يسكر ويدافع عن الإخوان !قال يخافون الله ولست أدري أيهما أعلم بالله هو أم هم.
    وهنا أنا يا صاحبي غريب
غريب كما قال التوحيدي:" غريب لم يتزحزح عن مَسِقْط رأسه. وأغرب الغُرَباء من صار غريباً في وطنه، ياهذا! الغريب من إذا ذكر الحقَّ هُجِر، وإذا دعا الى الحق زُجِر. الغريب من إذا أَسْنَدَ كُذّب، وإذا تطاهر عُذّب. ! الغريب إذا تنفس أحرقه الأسى والأسف، وإن كتم أكمده الحزن واللّهَف ... يا هذا ! الغريب في الجملة من كله حرقة، وبعضه فُرْقة، وليلُه أَسَف، ونهارهُ لهف، وجميعه فِتن، ومفَرِقه محن، وسرِه عَلَن، وخوفه وطن.
    يا هذا ! أنت الغريب في معناك."
    هذا أنا يا صاحبي
    ما زلت أنتظر أن يأتي شعبي كما أسلفت أوّل التدوينة فإن حضر وأنا غير موجود فقل له :
    ابنك يا كاذب قد ملّ الانتظار!
    فراح يبحث عن ثورة أخرى في شباب جديد.

4 التعليقات:

Anonyme a dit…

خمسون عام و نحن ننتظر حلما اسمه الثورة .. و لما حلّت هذه هذه المشؤومة " الثورة" أصبحنا نراجع فقه الثورات ...و شككنا في كل حلم حلمناه ... لم يبقى إلا حلم القلب ، فقط نحن صادقون في حبّنا للوطن ... وحبنا للحبيبة و بهذا الضوء الخافت نعيش

كأسك صديقي..

الحلاّج

illusions a dit…

انا الآن سكران
مذ لامستْ مرارة الكاس او هي كاس المرارة شفاهي، لم اعد ادرك للسّعادة معنى او للاكتئاب طعما
لم تعد الكأس تنشي، فلا فنّ و لا ثورة و لا حرّيّة تعيد للأمل او حتّى للانتظار مكانا في قواميسي
صرخت يوما في وجه القصباجيّين عن اي برلمان او عن اي تـأسيسيّ تتحدّثون؟
قالوا: ما انت الاّ بورجوازيّة صغيرة لا تفقه عظمة الثوّرات
قُلت :ادرسوا التّاريخ، فمنه تأخذون الدّرس و اليه تحتكمون
قالوا: نحن مختلفون، و سنفتح في الكتب اصفارا لم يدوّنها العارفون
و ها هم اليوم يُسقطون اقنعة من كانوا و لا زالوا بشرعيّة اللّه و الشّعب يتشدّقون
....
املأ الكأس باخوس، فلا رغبة لي في ان استيقظ او حتّى ان افيق ، املأها قبل ان يمنعوها، فالشّباب في حلب يجاهدون و الآخرون بالرقص مولعون، فعن ايّ ثورة جديدة يتحدّثون؟ و ايّ أمل ينتظرون؟ فهل الجالسون في قرطاجة على عرشها يتخلّون؟

عذرا على تشاؤمي، فقد حيّرت الكاس صديقي مواجعي، و لكن، ابدا لن يوقف احد يدي أو قلمي أو لساني . و حتّى و ان لم اكسر اليوم صخرا، فبالنقرات تتهدم اعتى الجبال
يوم يتغلّب حبّ الخضراء رغم اصفرارها على المصلحة الذّاتية، يومها سارفع الكأس عاليا لأنظم الشّعرو احيي الفن و اتغنّى بالحريّة... و انّ الغد للسّاعي اليه، بخطى ثابتة، لقريب

bacchus a dit…

@ الحلاج
الضوء الخافت في انتظار الشمس
العشاق لايموتون صديقي
أنتظر بعث مدونتك من رمادها
دمت صديقا
كاسك
.
.
.
كاسك مرة أخرى

bacchus a dit…

@illusions
على نخبك صديقتي المبدعة
نصّك أصاب ما في القلب هو التصادي بين عشّاق الوطن
تعليقك بلاغة العقلاء في ظرف الندامى
عبّرت فابلغت
شكرا صديقتي
دمت متألقة
أرفع كاسي على نخبك

Enregistrer un commentaire