samedi 21 mai 2011

حكايات

  
الحكاية الأولى:
    يحكى عن رجل كان وطنيا حقيقيا، يعشق البلاد والعباد حتى غدا صاحب شأن بين الناس، وقد قربت منيّته فأراد اختبار أبنائه وقد أدّبهم وأنشأهم على حبّ الوطن. كان له ثلاثة من الأبناء أراد أن يختبرهم ليموت وهو يحمل معه شرف تلقين أبنائه حبّ الوطن
جمع أبناءه الثلاثة وسأل الأول: أيّهما أفضل حكم البلاد أم خدمتها في أيّ موضع عدا الحكم ؟
قال الأوّل: حكمها فبحكمها أصلح ما أريد.
قال الثاني: بل خدمتها في أيّ موضع، فقد أقوم بعمل يعلي من شأنها.
قال الثالث: الحاكم منظّر يخطئ إذا انفرد بالرأي وإن هو استشار فقد تكون بطانته بطانة سوء، أمّا خدمتها من موقع آخر فجزء قد لا يُرى في فساد الكلّ وأراك يا أبتاه تفخّخ الأسئلة.
أمر الأب ابنيه الأولين بالصمت وتابع مع الثالث: إن جاءك اثنان أحدهما ينظر إلى ما وراء أفق الحاضر غايته بناء الوطن وطالبك بتأمين مستقبل البلاد وأخر يرى أنّ الوطن ملك للجميع ومن حقّه الإفادة الآنية من خيرات البلاد، فماذا تصنع بطلب كلّ واحد منهما؟
قال الابن: أعتمد على وطنيّة الأوّل فأعطي الثاني ما أراد فأرضي الاثنين الأوّل لضمان مشروعه والثاني حتّى لا يشوّش على الأوّل.
قال الأب : إن جاءك اثنان يطالبان بفائدة آنيّة فماذا تفعل ؟
قال الابن: أعمل على إرضاء الاثنين بالتخلّي عن حقّي وحق من يرنو إلى بناء الوطن ليكون وطنا كما يجب.
قال الأب: إن جاءك اثنان ممن يعشقان الوطن غايتهما مستقبل البلاد؟
قال الابن : عشّاق الوطن لا يأتون لطلب الامتيازات يا أبي.

الحكاية الثانية
  
يحكى عن بلد كثرت الأحزاب فيها حتى غدا تنافسها تخوينا ومشاحنات قاربت الاقتتال فعزم كلّ حزب على مكافأة المواطنين الذين يصرخون بأعلى أصواتهم بحياة الحزب ودوامه وحقّه في حكم البلاد دون الآخرين.
شرع بعض المواطنين في الصراخ في جنون فكانت الفوضى وغابت الأصوات التي تميّز حزبا دون آخر. بحّت أصوات البعض فتراجعوا وفكر البعض الآخر أن يواصل وإن أغمي  عليه أو هو مزّق حباله الصوتيّة ..
واصلوا حتّى جفّت الحلوق واحمرّت العيون وفي برهة سقط الكلّ مغشيا عليه.
واحد فقط كان يراقب المشهد ولم يشارك في الصراخ ثمّ دون أن يرفع صوته قال: أنا الأخير القادر على القرار فلمن تريدون أن أصرخ ليكون حاكم البلاد؟ بل سأقول من يدفع منكم أكثر لأُعلي صوتي وأعلن انتصاره فقد كلّفني جنون البقية مالا كثيرا. 

الحكاية الثالثة:
جلس مناضلان على منصة منبر يناقش مستقبل الوطن ويضعان المسير الدقيق الذي به يتقدّم فلمّا انتهى الحوار واتّفق جميع من حضر على المشروع ووقّعوا على بنوده نهض أحدهما لينصرف..
فسأله الآخر : إلي أين تذهب ؟! ..
فأجابه المناضل الأوّل: إلي البيت لقد حققنا اتفاقا تاريخيّا وهذا يكفيني ..
فرد المناضل الثاني: انتظر ليقع توزيع مهام إدارة مجلس الثورة وتنفيذ قرار الاتفاق..
فسأله المناضل الأوّل: ولماذا أفعل ذلك ؟! .
فرد المناضل الأوّل: عندما توزّع المهام قد تحصل على مركز..
فسأله المناضل الأوّل: ولماذا أفعل هذا ؟ ..
قال المناضل الأوّل: كي تحصل علي المزيد من الاطمئنان..
فسأله المناضل الثاني: ولماذا أفعل ذلك ؟ ..
فرد المناضل الأوّل: يمكنك أن تضمن مستقبلك ومستقبل أبنائك..
فقال المناضل الأوّل: ولماذا يجب أن أفعل ذلك؟
فرد المناضل الثاني: تستطيع في يوم من الأيام عندما تكبر أن تقول أنا ممّن كان لهم دور في بناء الوطن ويسعد أبناؤك ويتحدّث التاريخ عنك هذا فضلا على رغد العيش الذي ستضمنه.
فقال له المناضل الثاني: هذا هو بالضبط ما أفعله الآن، فكلّ أبناء الوطن أبنائي ولا أريد أن تلوّثني المسؤوليّة، والنافخون في صورتي سيتكاثرون من حولي وقد أصدّقهم فألتفّ على ما وقع الاتّفاق عليه الآن، دعني مراقبا فاضلا لأقول الشعب يريد... يوم تفسد الأحوال أفضل من أن أكون من عصابة المفسدين ومن لا مصالح شخصية له لا فساد في مساره السياسي خاصّة "أيّها المناضل".  

2 التعليقات:

الحلاج الكافي a dit…

تلميحات الحكايات الثلاثة واضحة فتحت رماد ما يحدث كل يغني ليلاه ـ كل يخاتل الشعب إلا ما ندر...الحكاية الرابعة التي لم تروها قد تدلّنا إن كنّا حزمنا أمرناللرضاء بالمرّ و رفض الأمرّ... أم أنّنا لازلنا تحت هول الصدمة

لك وحشة يا صديقي الرّائع...لنلتقي عاجلا

bacchus a dit…

@Al-Hallège
يا مرحبا بالحلاج العزيز
الحكاية الرابعة سرها سرّ الغرفة السابعة في الخرافات
ينصح بعدم فتحها ولكن سنفتحها وليكن ما يكون



سيكون لقاؤنا قريبا

Enregistrer un commentaire