lundi 12 avril 2010

الفيل بحاجة إلى فيلة

   
      تتالت في المدّة الأخيرة جرائم  حجب المدونات وصفحات الفايس بوك لسبب أو لآخر فمن متهم لأناس محسوبين على بلاد الفرح الدائم ينتمون إلى حيث جودة الحياة.. بلاد طقسها جميل تزقزق فيها العصافير تطرب قوما لا تسمع منهم إن سألتهم عن أحوالهم إلاّ  ça va  أو أناس يقتلون على الهوية بذلوا ما في  وسعهم ليحجبوا حسابا دليلهم في ذلك اسم حقيقي لصاحب الحساب أو اسم مستعار فذاك لا يهمّ مادام قانون الاختلاف والحوار الرصين البنّاء أمرين أقسم الجميع على وأدهما. كذا صار الأمر وعمّت المصيبة فما نجا   منتمٍ إلى النظام القائم ولا معارض ولا متحرّر أو متنوّر أو متطرّف أو حتى من يؤمن بعد الانحياز..
عمّت المصيبة فتعالت الأصوات المندّدة أو المستنكرة أو العقلانية أو المتطرفة أو حتى تلك التي قرّرت شحذ السكاكين لتجهّز "دخلة" بلغة جماعة كرة القدم تنصر فريقا على آخر... كذا صار الفضاء الافتراضي فضاء لتصفية حسابات بعيدة كلّ البعد عن الافتراضيّة. هنا انطلقت بعض الأصوات تدعو إلى التعقل والوقوف وقفة رجل واحد أمام ما يحدث وهنا كذلك وجد هؤلاء أنفسهم في مأزق حقيقي وقد ذكّرني سياق ما نعيشه بمسرحية للكاتب الرائع سعد الله ونوس وهي «الفيل يا ملك الزمان» نشرها منذ إحدى وأربعين سنة ، وتحكي قصة فيل جاء به الملك إلى المدينة، فخرب كلّ شيء، وهدم أكثر مما عُمّر، وانزعج منه الناس انزعاجا، وتملكتهم الحيرة وهم لا يدرون كيف يتصرّفون، حتى ظهر لهم رجل يدعى زكريا، وحثهم على إبلاغ شكواهم إلى الملك. وعندما وافقوه على ذلك وقرّروا أن يمرّوا من العزم إلى الفعل، أخذ يدربهم على كيفية الحديث في حضرة الملك، ومن ثم توزيع الأدوار. وكان دوره أن يبدأ بمقولة الفيل يا ملك الزمان، ثم يواصلون بأن يروي أحدهم تفاصيل المشكلة التي خلقها الفيل والمصائب التي تسبّب فيها. وعندما جلسوا إلى الملك دار الحوار التالي:
الملك: ماذا تريد الرعية من الملك؟
زكريا: الفيل يا ملك الزمان.
الملك: وما خبر الفيل؟
زكريا: الفيل يا ملك الزمان.
الملك: كاد صبري ينفد، ما خطب الفيل؟
التفت زكريا إلى الناس من حوله فإذا هم صم بكم لا ينطقون، وخاف زكريا أن يُقطع رأسه قال: الفيل بحاجة إلى فيلة تخفف وحدته وتنجب عشرات بل مئات الفيلة،
 الملك (مقهقها): كنت أقول دائما إنني محظوظ برعيتي.
وهذا زمن صرنا نعيشه صار فيه الصمت عن فيل سببا لفيلة وبشرى بزمن تكون فيه فيلة كثيرة فلتتناسل المصائب بفضل حكمة الصمت التي آمنّا بها.
  

0 التعليقات:

Enregistrer un commentaire